من الأمور الثابتة أن لبن الأم هو أفضل غذاء للطفل الرضيع.. ولكن هذا المصدر الغذائي الطبيعى كثيرا ما يصبح غير كاف عندما يكبر الطفل ، سواء من حيث الكمية أو من حيث الكيفية .. وعندئذ يعمد إلى استعمال حليب البقر لتعويض هذا النقص أو ليحل علي لبن الأم .. ويحلى هذا الحليب ليتناسب مع متطلبات الرضيع بالسكر ، ويستعمل لهذا الغرض عادة سكر العنب ( جلوكوز ) وسكر الشعير ( مالتوز ) .
وقد أظهرت النتائج الحديثة أن العسل فى الواقع أفضل من الاثنين معا – هكذا يذكر الدكتور (س . جارفيس ) فى كتابه الطب الشعبى .. ثم يقول :
هكذا يصبح الطبيب مسئولا عن انتقاء غذاء للطفل الصغير يتناسب مع حاجاته .. وبعض الأطفال حساسون جدا، فيجب الحذر معهم فى انتقاء الغذاء.. فإذا ما صرف النظر عن لبن الأم ، يصبح حليب البقر المحلى بوسائل خاصة ودرجة معينة هو القاعدة الأسياسية لتغذية الرضيع ..
والتحلية كثيرا ما تكون هى الصعوبة الكبرى فى الموضوع .. وأفضل أنواع التحلية كان بالعسل ، حيث تتقبله معظم أجسام الأطفال تقبلا حسنا ، وهو فضلا عن حلاوته يحتوى علي كمية قليلة من البروتين ، يحتوى علي أنواع كثيرة من المعادن التى تتمم ما يوجد منها فى الحليب .. والعسل في نفس الوقت مطهر للأمعاء وملين لطيف .. وأهم مميزاته أنه يجهز جسم الطفل بجميع ما يحتاج إليه من أنواع المعادن لاستمرار نموه .. ويمتاز العسل على جميع أنواع السكر الأخرى التى تحتوى علي مزيد من الدكستروز بأنه لا يرفع نسبة السكر فى الدم إلى مستوى أعلي مما يتحمله الجسم.
لقد كان الإنسان يستعمل العسل فى حياته اليومية منذ أقدم العصور ، فكانت حياته كلها قوة ونشاطا .. ومع تقدمه فى الحياة المدنية قلت أهمية العسل فى نظره وأصبح يعانى الضعف والأمراض ..
إن العسل مادة طبيعية لم يطرأ عليها أى تغيير صناعى .. وهو مكون من نوعين هما أسهل أنواع السكر قابلية للهضم وملاءمة للجسم .. لذلك فإنه من المستغرب حقا أن لا يعم استعماله علي نطاق واسع وعلي الأخص فى تغذية الأطفال الرضع .
وأفضل نسبة لاستعمال العسل في تغذية الأطفال هى مقدار ملعقتين صغيرتين منه لكل (٢٠٠ – 250 سم ) من الغذاء ( الحليب) .. تزداد هذه الكمية بمقدار نصف ملعقة صغيرة فى حالات الإمساك ، وبعكس ذلك بمقدار نصف ملعقة صغيرة فى حالات الإسهال .. والرضع الذين يغذون بالعسل لا يصابون بالمغص المعوى إلا نادرا، لأن السرعة التى يمتص بها العسل لا تترك مجالا لحدوث التخمر فى الأمعاء .
وهذه بعض الحالات المرضية التى يتعرض لها الأطفال ، وأثبت العسل نجاحا كبيرا فى علاجها :
◙ الوقاية من كثير من أمراض الأطفال .
يذكر (د. ن . يويريش) أن مجموعة من الأطفال عددها 20 طفلا ، تتراو ح أعمارهم بين 3.5-6 سنوات .. وكانوا يتناولون العسل بصورة منتظمة لمدة ستة أسابيع فى روضة الأطفال تحت اشراف الدكتورة (زور كوفا ) .. وأصيب بعض الأطفال بالحصبة والتهاب الغدد النكفية .. وقد لوحظ أن الأطفال الذن أصيبوا فى فترة تناول العسل اتخذ المرض معهم دورة هينة لينة دون مضاعفات .
وفى أثناء الستة أسابيع التى أعطى فيها الأطفال العسل تحسنت صحتهم إلى حد كبير ، وأضحوا مرحين مملوئين بالحيوية ، وتحسن سلوكهم ونومهم..
وزاد وزن الجميع .. وكان متوسط الزيادة فى الأسبوعين الأولين من العلاج بالعسل ٢١ كيلو جرام رغما عن قيظ الصيف .. ولم تكن هناك أى حالة دوسنتاريا أو غيرها من أمراض القناة الهضمية .
◙ الإسهال المعدى :
لقد كانت النتائج التى حصل عليها (د. جولب) أشد إقناعا بفعالية العسل فى علاج الإسهال السام المعدى .. حيث كان سير المرض أقل ضراوة والشفاء أسرع .. وكانت ملاحظاته التى قام بها فى عيادة طب الأطفال فى المعهد الطبى فى (نيبرو بتروفسك) علي أن اضافة العسل إلي غذاء الأطفال لا يسرع فقط بشفائهم، بل يزيد كذلك من وزنهم.
◙ الدوسنتاريا :
يذكر (د . ن . يويريش) أيضا أنه من خبرة (ل . ترتياك) ومعاونيه فى علاج الدوسنتاريا بالعسل ، ورد القول بأنه فى حالة الدوسنتاريا الخطرة لم تكن النتائج ملحوظة باستعمال العسل .. ولكن فى الحالات الخفيفة فإن العسل ينظم عملية التبرز ، ويؤثر تأثيرا طيبا علي مجرى المرض ، ولم يظهر فى براز المرضى الذين يتناولون العسل أى دم .. وكانوا علي العموم يشفون بسرعة .. والعلاج بالعسل يحفف من سير الدوسنتاريا المزمنة ويساعد على الشفاء العاجل .