◙ قيمة العسل كمادة سكرية :
عرف الإنسان العسل منذ أقدم العصور .. وظل هذا الشراب الذى يصنعه النحل من رحيق الأزهار آلافا من السنين هو المادة الطبيعية الحلوة التى تعطى النشاط وتهب القوة والحيوية.. حتى جاءت المدنية الحديثة فغيرت فى كل شيء، وقلدت كل شيء، ولم يسلم العسل من هذا التغيير والتقليد .. فأحدث الانسان أنواعا أخرى من السكر ، وأخذ يعمم استعمالها بدلا من العسل ، ومنذ ذلك الحين بدأت أمراض الجهاز الهضمى وأمراض الدم تكثر بين الناس .
ولنرجع إلى العسل ونقارنه بغيره من المواد السكرية كسكر القصب الذى نستعمله .. وكما هو معلوم فإن سكر القصب سكر ثنائي ، أى أن كل جزىء منه يحتوى علي جزيئين من السكر الأحادى .. والجسم لا يستفيد من السكر الثنائى (سكر القصب) إلا بعد تحويله إلي سكر أحادى .
فبينما يتعرض سكر القصب إلى عملية تبديل كيميائى (هضم) فى الأمعاء بتأثير خمائر خاصة تحوله إلى سكر بسيط ( سكر أحادى ) .. فإن عسل النحل لا يحتاج إلى مثل ذلك بعد أن تحول فى كيس العسل فى جسم النحلة وبتأثير إفرازات غددها اللعابية إلى سكر بسيط (سكر أحادى) : سكر العنب ( جلوكوز ) وسكر الفواكه (فركتوز ) .
وهكذا وفرت علينا النحلة عملية هضم العسل.. وهذا العمل قد لا تكون له أهمية كبرى بالنسبة للأشخاص الذين يستطيعون هضم السكر ولكنه غاية فى الأهمية بالنسبة للأشخاص المصابين بضعف الهضم، وكذا الأطفال .
إن عسل النحل كما قرر دكتور ( هاجار ) أسرع المواد الكربوهيدراتية جميعا تمثيلا فى الجسم، ولذلك ينتج عنه مجهود أسرع من النشا والسكر دون أن يتحمل الجهاز الهضمى أدنى تعب أو عناء .
ولا عجب أن نرى الأطباء كثيرا ما ينصحون بالابتعاد عن السكريات الصناعية واستعمال عسل النحل بدلا منها.. فإن هذه السكريات ثنائية معقدة تجهد الجهاز الهضمى حتى تتأكسد وتتحول إلى سكريات آحادية .. ويقوم البنكرياس بإفراز إنزيمات خاصة لتحويل السكريات الصناعية إلى نشا حيوانى ( جلوكوجين ) يمكن للجسم أن يستفيد منه عند الحاجة ، فإذا زادت كمية ما يتناوله الإنسان من السكر الصانعى سبب ذلك إجهادا للبنكرياس .، وهذا الأمر يؤدى إلى الإصابة بالبول السكرى ، بما يؤثر بدوره علي الكلي والدورة الدموية ، فإن القدر الباقي من السكر دون ان يهضم يبقى كمادة سامة فى الجسم ينتج عنها الشعور بالتعب .
من هنا كانت أهمية العسل فى الغذاء لاحتوائه علي سكريات أحادية لا تحتاج إلى عملية أكسدة داخل الجهاز الهضمى ، بل يستفيد منها الجسم بمجرد تناوله .
وبعد تجارب عديدة أعلن (د، باتنج ) مكتشف الأنسولين تحذيرا عام 1929 قال فيه :
إن انتشار مرض البول السكرى يتناسب طرديا مع مقدار ما يستعمله الفرد سنويا من سكر القصب .. ومنذ ذلك الحين بدأ الأطباء ينصحون بالإقلال من السكريات الصناعية والعودة إلى استخدام عسل النحل بدلا منها .
إن الحلاوة الموجودة فى العسل تعادل ضعفى حلاوة السكر العادى .. وحيث أن هذه الحلاوة ناتجة عن سكر الفواكه (الفركتوز ) وليس عن السكر المسمى سكاروز ( سكر القصب) فإن أذاه للمصابين بمرض السكر أقل من أذى السكر العادى رغم أن حلاوته تعادل ضعفى حلاوة السكر العادى .
وعموما فإن العسل يفوق السكر العادى لهذه الأسباب :
– لا يسبب العسل اضطرابات لأغشية القناة الهضمية الدقيقة .
– يصل تأثير العسل إلى أعضاء الجسم فور تناوله بسهولة ويسر .
– لا يضر الكلي ولا يسبب تلف أنسجتها.
– ليس للعسل تأثير معاكس علي الجهاز العصبى .
– يساعد الرياضيين علي استعادة قواهم – كما سنذكر إن شاء الله تعالى – بسرعة .
– له تأثير طبيعى كامن ويجعل عملية الإخراج سهلة .
إن الحديث عن تركيب العسل ليس سهلا، إذ أن هناك أكثر من سبعين مادة مختلفة تدخل فى تركيبه .. وهذا الاختلاف في التركيب يرجع إلى عوامل كثيرة منها : اختلاف مصادر الرحيق ، وتنوع أجناس الزهر وأنواعه ، ومواطنه ومناخه وتربته ..
ولو أننا أخذنا مائة عينة من العسل وحللناها تحليلا كاملا لوجدنا مائة نتيجة مختلفة وان كانت متقاربة .. ونذكر هنا نتيجة لعينة من العسل تم تحليل الأولى في أمريكا والثانية في فرنسا :
التركيب | أمريكا النسبة المئوية | فرنسا النسبة المئوية |
سكر العنب | 34.03 | 34.50 |
سكر الفواكه | 40.50 | 40.00 |
سكر القصب ( سكاروز ) | 1.90 | 4.00 |
ماء | 17.70 | 19.00 |
هلام وأصماغ | 1.50 | 0.02 |
رماد | 0.18 | 0.25 |
مواد غير معروفة | 4.19 | 2.23 |