قد يكون من المفيد لنا أن نذكر أولا نبذة صغيرة مبسطة عن وظائف هذا العضو اللغز وكذلك عن صفته التشريحية لان هذه المعلومات بدون شك سوف تساعدنا علي فهم مسببات أمراض البروستاتا المختلفة وكيف يمكن أن نتقى حدوثها علي قدر ما نستطيع وقد يكون من الطريف آن نذكر هنا أن العضو التناسل الوحيد الذى يوجد في جميع ذكور الحيوانات الثديية هو غدة البروستاتا وكذلك فإن الكلب ( الذكر) توجد عنده غدة البروستاتا في نفس المكان. وتقريبا بنفس صفتها التشريحية والفسيولوجية تماما كما هى في بنى الانسان !!
وتعتبر البروستاتا أكبر الأعضاء التناسلية الثانوية في الذكور وهى تعتمد في نموها الطبيعى وتطور خلاياها إلى أن تصل الى مرحلة البلوغ والرجولة إعتمادا كليا علي وجود الهرمونات الذكرية . Androgens
وهذه الهرمونات تقوم بإفرازها الخصيتين وغدد فوق الكلي . والدليل الساطع علي ذلك أن إستئصال الخصيتين قبل سن البلوغ يؤدى الى ضمور البروستاتا وتوقف نموها تماما وتبقى صغيرة الحجم عديمة الجدوى كما هى الحال في مرحلة الطفولة.. لا تؤدى عملا ولا تقوم بإفراز أى شيء .
ومن الحقائق المعروفة في فسيولوجيا الحيوان أن ذكور الثدييات التى تتصف بنشاط جنسى موسمى تبقى غدة البروستاتا فيها ضامرة وصغيرة أوقات الركود الجنسى ولكنها تعود لنشاطها حيث تتضخم وتنتفخ وتبدأ في إفراز المواد الكيماوية اللازمة للجنس والاخصاب في مواسم التناسل والصحوة الجنسية.
وقد كان العالم الانجليزى الأشهر” John Hunter ” الذى كان يعمل جراحا بمستشفى سانت جورج بلندن هو أول من اكتشف هذه الحقيقة العلمية سنة ١٧٩٠ ميلادية ومنذ ذلك التاريخ توالت هذه الأبحاث وتطورت حتى أدت الى إكتشاف علمى طبى هائل علي درجة قصوى من الأهمية إذ أنه أفاد الجنس البشرى كله وذلك أن علاج المريض الذى يعانى من سرطان البروستاتا أصبح ممكنا وميسورا وذلك بتعاطى جرعات معتدلة منتظمة من الهرمون الأنثوى الاستروجين Oestrogen ويؤدى هذا الى ضمور ورم البروستاتا الخبيث وقد يؤدى أيضا الى أختفاء الأورام الثانوية الأخرى التى تكون قد انتشرت في أنحاء متفرقة من جسم المريض.. وقد كان هذا الاكتشاف العلمى الرائع الذى نشره العالم الطبيب هوجنز Huggin’s سنة ١٩٦٦ سببافى أن جميع الأوساط العلمية في أوروبا وأمريكا إنحنت له تقديرا وإعجابا ومنح جائزة نوبل للعلوم الطبية في نفس هذا العام .
والوظيفة الأساسية لغدة البروستاتا المعروفة لنا حتى الآن هى إفراز السائل الذى نطلق عليه إسم البلازما المنوية Plasma Seminal”” وعند حدوث الجماع تنشط غدة البروستاتا نشاط عظيما ويندفع اليها الدم عن طريق أوردتها الكثيرة المتشعبة وتقوم بافراز هذا السائل الذى يضاف الى السائل المنوى الذى تفرزه الخصيتين والحويصلة المنويه ليختلطا سويا وعندما تقترب عملية الجماع من نهايتها ويصل الرجل الى المرحلة التى نسميها Climax تنقبض عضلات البروستاتا والحويصلة المنوية لتضغط علي القنوات والغدد الصغيرة داخل البروستاتا فتعتصرها وينتج عن ذلك إنسكاب السائل المنوى في مجرى البول الخلفى حتى يستقر في مهبل المرأة وقت الانزال .
وليس السبب الوحيد الذى يؤدى الى تكون ونزول البلازما المنوية هو الاتصال الجنسى الكامل.. فقد يحدث للرجل أى إثارة جنسية شديدة تؤدى الى نشاط البروستاتا لأنها تحت التأثير المباشر للهرمونات الذكرية التى تسرى في الدم.. ويؤدى هذا الى إفراز كمية صغيرة من البلازما المنوية التى تأخذ طريقها الى مجرى البول حيث تنزل من القضيب علي شكل نقط صغيرة لزجة القوام يطلق عليها العامة لفظ المزى ” ..
أما في بعض الحالات المرضية الناتجة عن التهابات البروستاتا أو الحويصلة المنوية فقد ينزل هذا السائل بكميات كبيرة وليس له أى علاقة بالاثارة الجنسية وإنما تحدث في أى وقت من الليل أو النهار وتسمى في هذه الحالة « Prostatorrhea»